بسم الله الرحمن الرحيم




همسات

رمضان شهر القرآن يأتي على الامة بدون تطبيقه وبدون دولته

 


قررت وزارة الأوقاف في الأردن يكون عنوان خطبة الجمعة الموحد (الهدي النبوي في استقبال شهر رمضان) الموافق 28 شعبان 1440هـ الموافق 3/5/2019م، وسيكون لنا وقفات مع شهر العزة والجهاد .

 

أولا : شهر الصيام هو الركن الرابع من أركان الإسلام حيث قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ولا شك عند المسلمين بفضل رمضان ومكانته ففي الجنة باب خاص بأهل الصيام فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن أَنفَقَ زوجَينِ في سبيلِ اللهِ، نودِيَ من أبوابِ الجنةِ: يا عبدَ اللهِ هذا خيرٌ، فمَن كان من أهلِ الصلاةِ دُعِيَ من بابِ الصلاةِ، ومَن كان من أهلِ الجهادِ دُعِيَ من بابِ الجهادِ، ومَن كان من أهلِ الصيامِ دُعِيَ من بابِ الرَّيَّانِ، ومَن كان من أهلِ الصدقةِ دُعِيَ من بابِ الصدقةِ»، فقال أبو بكرٍ رضي الله عنه: بأبي وأمي يا رسولَ اللهِ، ما على مَن دُعِيَ من تلك الأبوابِ من ضرورةٍ، فهل يُدْعَى أحد من تلك الأبوابِ كلِّها؟، قال: «نعم، وأرجو أن تكونَ منهم»

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) رواه مسلم، ففي "الصحيح" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه)، وقال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، وقال أيضاً: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).

 

وهو شهر العتق من النار، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم: (وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا جاء رمضان فتِّحت أبواب الجنة، وغلِّقت أبواب النار، وصفِّدت الشياطين)، وفي لفظ (وسلسلت الشياطين)، أي: أنهم يجعلون في الأصفاد والسلاسل، فلا يصلون في رمضان إلى ما كانوا يصلون إليه في غيره.

 

ثانيا : إن رمضان فرصة لا بد للأمة من اغتنامها على خير وجه، فرصة لتنشغل به بقضاياها المصيرية لا لتنشغل عنها بغيرها، فرصة لتتقرب فيه إلى العلي القدير بأجل الفروض وأعظم الواجبات، وهو بلا منازع في زماننا فرض العمل لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، لأن بها وحدها يقام الإسلام وتطبق جميع أحكامه، وبها وحدها يجمع الله شمل الأمة من بعد شتاتها، وبها وحدها يُحمل الإسلام رسالة خير وهدى للبشرية جمعاء.

 

إن شهر رمضان يغشانا هذا العام وقد تقطعت بنا السبل وتفرقنا أيدي سبأ وتجرأ علينا الأعداء من كل حدب وصوب وغشينا الذل والهوان من كل مكان وصبت علينا المصائب صباً وادلهمّت علينا الخطوب فاستحل بعضنا دم بعض فأريقت دماؤنا في فلسطين وفي العراق واليمن وباكستان وأفغانستان والصومال والسودان، من قبل الكافر المستعمر ومن أدواته أنظمة التبعية.

 

يأتي رمضان علينا ليذكرنا بأننا لولا الإسلام ما كنّا وبدونه لن نكون، يأتي رمضان ليذكرنا بأنّنا خير الأمم وجدير بنا أن نكون أهلاً لهذا الوصف والمسمى، يأتي رمضان ليذكرنا بأننا ضعفنا وضعنا يوم أن ضاعت خلافتنا فغاضت أحكام الإسلام من الوجود وضاعت كرامتنا وضاعت فلسطين، يأتي رمضان ليذكرنا أن لا سبيل لعودتنا خير الأمم إلا بعودة الخلافة.

 

لقد كان رمضان عبر القرون الماضية، عبر سنيّ الخلافة، نقطة تحول في تاريخ الأمة والبشرية، فالتاريخ قبل رمضان غيره بعده وذلك كل عام، ففي رمضان كانت بدر الكبرى وفتح مكة والقادسية وفتح عمورية وبلاط الشهداء وفتح الأندلس وعين جالوت وفتح قبرص وفتح بلغراد وغيرها كثير، فهلاّ جعلنا رمضان هذا العام نقطة تحول حقيقية نحو إقامة الخلافة؟!

 

فكيف بنا اليوم ونحن بدون دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وكيف لنا ونحن نقرأ كتاب الله ونتسابق على ختمه نرى في واقعنا المذل ترك تطبيقه والعمل به لا بل الهجوم عليه والتشكيك بأحكامه وتشريعاته من قبل دول الكفر و الأنظمة العميلة في بلاد المسلمين ،كيف لنا أن نقرأ كتاب الله وهو محارب ويطارد حملة الدعوة في كل البلاد، كيف بنا ونحن في شهر القرآن العظيم ونرى فيه تسلط بلاد الكفر على مقدساتنا وانتهاك اعراضنا ونهب ثرواتنا .

 

أيها المسلمون إن الغرب يدرك أهمية رمضان وتلك القوة الروحية والمشاعر العظيمة التي تكون في رمضان فهذه إدارة الكفر في رمضان تؤجل ما يسمى بصفقة القرن، تصفية القضية الفلسطينية إلى ما بعد رمضان لإدراكها الكبير إثر رمضان في يقظة المسلمين وإتقاد مشاعرهم ومحاربة الكفر والوقوف في وجهه ،ايعقل أن يخشى الكفر إثر رمضان فيكم ونحن اليوم نتسابق على تلاوته - على ما فيها من أجر كبير بلا شك - دون العمل له وربط قراءته بتطبيقه و دولته.

 

ان رمضان ما كان يوما في تاريخكم الا شهر العزة والجهاد والفتوحات وجعل كلمة الكفرهي السفلى فلا تقفوا عند مجرد تلاوته والتسابق على ختمه بل تسابقوا على العمل له والدعوة إليه وربط أحكامه بكل وقائعكم وشؤونكم وإياكم وحكام الذل والعار في بلاد المسلمين ومشايخهم الذين يضلونكم عن حقيقة رمضان شهر القرآن وتطبيقه وشهر الجهاد والفتوحات وشهر الخلافة وليس شهر الذل والخيانات والمؤامرات والتنازلات والسكوت عليها.

 

أيها المسلمون: إن أشد ساعات الليل حلكة تلك التي تسبق بزوغ الفجر، فلا يهولنّكم ما أصابكم وليكن رمضان شاحذا لهممكم ومقوياً لعزائمكم ودافعاً لأقصى طاقاتكم نحو إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة فرض ربكم، لتقيم الدين وتوحد المسلمين وتحمل الإسلام مشعل هداية للعالمين، فهلّا اغتنمتم رمضان فأديتم حق الله عليكم نحو إسلامكم وأمتكم فترفعوا وزر التقصير عن عاتقكم فتفوزوا في الدنيا والآخرة؟!

(وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)


     
28 من شـعبان 1440
الموافق  2019/05/02م
   
     
http://www.hizb-jordan.org/