بسم الله الرحمن الرحيم




همسات
الأمانة تشمل أحكام الدين كلها

والمسؤول الأساسي عنها هم الحكام


قررت وزارة الأوقاف في الأردن أن تكون خطبة الجمعة الموحدة لتاريخ 13/9/2019 بعنوان (أداء الأمانة من صفات المؤمنين) ، وسيكون لنا وقفات مع هذه الخطبة.


أولاً: إن الأمانة بمفهومها العام تشمل أحكام الدين كلها، ولقد استأمننا الله تعالى وكلفنا بحفظ أحكام هذا الدين وتطبيقها والقيام بها، فقال عز وجل: (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا) . يقول الطبري في تفسير هذه الآية: عن ابن عباس قال: الأمانة هي الفرائض التي افترضها الله على عباده. وعن قتادة قال: قوله ( إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ ) يعني به: الدين والفرائض والحدود ( فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا ) قيل لهن: احملنها تؤدين حقها؟ فقلن: لا نطيق ذلك ( وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا ) قيل له: أتحملها؟ قال: نعم، قيل: أتؤدي حقها؟ قال: نعم، قال الله: إنه كان ظلومًا جهولا عن حقها.


ثانياً: إن القيام بأمانة تطبيق أحكام هذا الدين هي مناطة بشكل أساسي على الحكام، إذ أن معظم أحكام الدين قد خاطب الله تعالى المسلمين للقيام بها عن طريق الحاكم الذي يولّونه عليهم. فمثلاً، إن الله سبحانه وتعالى حينما أمرنا بقطع يد السارق بقوله: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) خاطب جميع المسلمين بذلك، ولكنه جَعَل الحاكم هو من يقوم بهذا الأمر، وهو ما بيّنه النبي صلى الله عليه وسلم بفعله وأجمع الصحابة من بعده على ذلك.

 

لذلك فإن الحديث عن حفظ الأمانة وأدائها الشاملةِ للقيام بأحكام الدين ورعاية المسلمين، لا بد أن يُوجه بشكل أساسي تجاه الحكام الذين أوكلهم الشرع بهذه المسؤولية، فقال صلى الله عليه وسلم: (فَالإِمَامُ رَاعٍ وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ).


ثالثاً: إن الناظر في حال المسلمين اليوم يرى انطباق حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عليهم حيث قال: (إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ، قَال: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ).

فأمور المسلمين مسندة إلى حكامٍ هم شرار الناس، أضاعوا البلاد وأرهقوا العباد، طبقوا على المسلمين أنظمةً وضعيّةً غربيّة، رهنوا أنفسهم وأموال المسلمين وبلادهم للكافر المستعمر، تحالفوا مع الكفر وأهله، حاربوا حملة الدعوة الذين يعملون لرفعة هذا الدين وتطبيق شرع الله ...

فأين فرائض الله؟! وأين حدود الله؟! وأين الأمانة التي أوكلها الله عليهم؟! ... كل ذلك ضيّعوه، ضيّعهم الله .


رابعاً: صحيحٌ أن القيام بأحكام الدين التي تنفذها الدولة مسؤول عنها الحاكم، إلا أن هناك واجبٌ مناطٌ بعموم المسلمين أيضاً؛ وهو محاسبة الحكام على تقصيرهم، والعمل على خلعهم وإقامة إمام لهم عند تنحيتهم للشرع الإسلامي عن سدة الحكم، كما قال صلى الله عليه وسلم: (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر)، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قَالَ: (دَعَانَا النَّبِيُّ: فَبَايَعْنَاهُ، فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةً عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ) .


فيا أيها المسلمون...

هلموا للعمل لإقامة شرع الله عز وجل بإقامة الدولة الإسلامية التي تزيل الحدود والسدود، وتجمع شمل المسلمين تحت راية واحدة، وتحت حكم إمام واحد، يرعاهم بأحكام الإسلام، فيكون كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ ، وَيُتَّقَى بِهِ) .


(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)


والحمد لله رب العالمين .


     
13 من محرم 1441
الموافق  2019/09/12م
   
     
http://www.hizb-jordan.org/