بسم الله الرحمن الرحيم




النداء الأول
نهى الله المؤمنين عن التشبه بالكافرين في مقالهم

 

الحَمدُ للهْ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهْ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاهْ، أمَّا بَعدُ:


إِخْوَانَنَا الكِرَامَ الأفَاضِلْ ... أَخَوَاتِنَا الكَرِيمَاتِ الفُضلَيَاتْ:


إِنَّهُ لَيَسُرُّنَا وَيَطِيبُ لَنَا أنْ نُقَدِّمَ لَكُمْ سِلْسِلَةَ "نِدَاءَاتِ القُرآنِ الكَرِيم لِلَّذِينَ آمَنُوا" وَعَدَدُهَا وَاحِدٌ وَتِسعُونَ نِدَاءً، وَهِيَ مِنْ إِعدَادِنَا، عِلْمًا بِأَنَّنَا أَعْدَدْنَا هَذِهِ النِّدَاءَاتِ فِيمَا سَبَقَ إِعدَادًا فِيهِ إِسْهَابٌ وَتَفسِيرٌ مُفَصَّلٌ، وَكَانَ جُلُّ اعتِمَادُنَا في السِّلْسِلَةِ الأُولَى عَلَى كِتَاب: "في ظِلَالِ القُرآنِ الكَرِيمِ لِلأُستَاذِ سَيِّد قُطْب - رَحِمَهُ اللهُ وَجَعَلَ الفِرْدَوسَ الأَعْلَى مَثْوَاهُ -.

وَمَنهَجُنَا في تَقْدِيمِ هَذِهِ السِّلْسِلَةِ الثَّانِيَةِ أَنْ نَذكُرَ نَصَّ النِّدَاءِ كَمَا جَاءَ فِي كِتَابِ اللهِ، مَعَ إِيرَادِ تَفسِيرٍ مُيَسَّرٍ لَهُ، مِنْ بَعْضِ كُتُبِ التَّفسِيرِ الـمُعتَمَدَةِ .. ثُمَّ نُبَيِّنُ الأَمْرَ أَوِ النَّهْيَ الـمُتَضَمِّنَ فِي هَذَا النِّدَاءِ وَمَدَى التِزَامِ الـمُسلِمِينَ وَاستِجَابَتِهِمْ لَهُ، آمِلِينَ مِنَ اللهِ العَلِيِّ الكَبِيرِ أنْ يُوَفقِّنَا لإِتمَامِ هَذَا العَمَلِ عَلَى الوَجْهِ الَّذِي يُرضِيهِ عَنَّا .. وَأَنْ يَتَقَبَّلَهُ مِنَّا خَالِصًا لِوَجْهِهِ الكَرِيمِ وَرَاجِينَ مِنهُ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى لَنَا وَلَكُمْ وَلِلمُسلِمِينَ أَجْمَعِينَ عَفْوَهُ وَمَغفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَالفِردَوسَ الأَعلَى مِنْ جَنَّتِهِ .. إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ وَهُوَ وَحْدَهُ الهَادِي إِلَى سَوَاءِ السَّبِيل آمِينَ .. آمِينَ .. آمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِين!!


النداء الأول
نهى الله المؤمنين عن التشبه بالكافرين في مقالهم

 

نَهى اللهُ تَعالَى المؤمنينَ أنْ يَتَشَبَّهُوا بِالكَافِرِينَ فِي مَقَالِهِمْ وَفِعَالِهِمْ، وَذَلِكَ أنَّ اليَهُودَ كَانُوا يُعَانُونَ مِنَ الكَلامِ مَا فِيهِ تَورِيَةٌ لِمَا يَقصِدُونَهُ مِنَ التَّنقِيصِ - عَلَيهِمْ لَعَائِنُ اللهِ - فَإِذَا أرَادُوا أنْ يَقُولُوا: اسْمَعْ لَنَا يَقُولُونَ: رَاعِنَا. يُوَرُّونَ بِالرُّعُونَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَينَا وَاسْمَعْ غَيرَ مُسمَعٍ وَرَاعِنَا لَــيًّا بِأَلسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَو أنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيرًا لَهُمْ وَأقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً). (النساء46) وكَذَلِكَ جَاءَتِ الأحَادِيثُ بِالإِخْبَارِ عَنْهُمْ، بِأَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَلَّمُوا إِنَّمَا يَقُولُونَ: "السَّامُ عَلَيكُمْ"، وَالسَّامُ: هُوَ الموتُ. وَلِهَذَا أُمِرْنَا أنْ نَرُدَّ عَلَيهِمْ بِـ "وَعَلَيكُمْ". وَإِنَّمَا يُستَجَابُ لَنَا فِيهِمْ، وَلا يُستَجَابُ لَهُمْ فِينَا.

وَالغَرَضُ: أنَّ اللهَ تَعَالَى نَهَى المؤْمِنِينَ عَنْ مُشَابَهَةِ الكَافِرِينَ قَولاً وَفِعْلاً. فَقَالَ: (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ). وَقَالَ الإِمَامُ أحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا عَبدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتَ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي مُنِيبٍ الجُرَشِيّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بُعِثْتُ بَينَ يَدَيِ السَّاعَةِ بِالسَّيفِ، حَتَّى يُعبَدَ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ. وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَتِ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَومٍ فَهُوَ مِنْهُم". وَرَوَى أبُو دَاوُدَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أبِي شَيبَةَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ هَاشِمِ بْنِ القَاسِمِ: "مَنْ تَشَبَّهَ بِقَومٍ فَهُوَ مِنْهُمْ" فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى النَّهْيِ الشَّدِيدِ وَالتَّهدِيدِ وَالوَعِيدِ، عَلَى التَّشَبُّهِ بِالكُفَّارِ فِي أقْوَالِهِمْ وَأفْعَالِهِمْ، وَلِبَاسِهِمْ وَأعيَادِهِمْ، وَعِبَادَاتِهِمْ، وَغَيرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِمُ الَّتِي لَمْ تُشَرَّعْ لَنَا وَلَمْ نُقَـرَّ عَلَيهَا.

وَمِنْ أقوَالِهِمُ الَّتِي يُرَدِّدُونَهَا هَذِهِ الأَيَّامِ، وَيَنبَغِي لَنَا أنْ نَقِفَ تُجَاهَهَا مَوقِفَ العَدَاءِ: "العَلْمَانِيَّةُ، وَالدِّيمُقرَاطِيَّةُ، وَالقَومِيَّةُ، وَالبَعثِيَّةُ، وَالرأسمَالِيَّةُ، وَالوَطَنِيَّةُ، وَالدَّولَةُ المدَنِيَّةُ، وَاحْتِرَامُ الآخَرِ، وَالحَلُّ الوَسَطُ، وَالحُريَّاتُ المطلَقَةُ مِنْ أيّ قَيدٍ شَرعِيٍّ، وكُلُّ هَذِهِ الأقوَالُ مَرفُوضَةٌ فِي دِينِنَا، وَفِي شَرْعِنَا الحَنِيفِ رَفضًا باتـًا قَاطِعًا".


كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن
الاستاذ/ محمد النادي

 

     
20 من جمادى الثانية 1438
الموافق  2017/03/18م
   
     
http://www.hizb-jordan.org/