بسم الله الرحمن الرحيم




 

همسات

بين الحياء كخلق فردي وبين

زيارة بعثة صندوق النقد الدولي للأردن كشأن رعوي يهم الامة

 

 

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد،

فقد نشرت وزارة الأوقاف خطبة الجمعة للسابع من شهر ذي القعدة لعام 1439 هجرية، الموافق للعشرين من شهر تموز لعام 2018 ميلادية وعنوانها " خلق الحياء في الإسلام " ولنا مع هذه الخطبة وقفات ...


لما حصرت وزارة الأوقاف خطابها في الفرد المسلم، ولما اعتبرت المجتمع  أنه مكون من أفراد فقط ، يصلح بصلاحهم المجتمع ويفسد بفسادهم، ولما غفلت عن حقيقة المجتمع أنه مؤلف من الإنسان والأفكار والمشاعر والأنظمة السائدة والمطبقة في المجتمع، ونادت بالأخلاق في خطبها الموحدة في العديد من المرات ، كان لزاما أن نقوم ببيان واقع الأخلاق ، وأن المجتمع لا يصلح بالأخلاق ، بل يصلح بأركانه الأربعة مجتمعة،  فالمجتمع  يكون إسلاميا فقط في حال كانت الأنظمة الإسلامية هي المطبقة على أفراده ، والمشاعر الإسلامية هي السائدة بين أفراده ، والأفكار الإسلامية هي المتبناة من قبل أفراده ، وهكذا يكون مجتمعا صالحا بوصفه إسلاميا لا بكون أفراده يتصفون بالأخلاق الإسلامية.

 

إن الأخلاق ومنها خلق الحياء ليست من مقومات المجتمع، بل هي من مقومات الفرد، ولذلك لا يصلح المجتمع بالأخلاق، بل يصلح بالأفكار الإسلامية والمشاعر الإسلامية وبتطبيق الأنظمة الإسلامية. ومع أن الأخلاق من مقومات الفرد، ولكنها ليست هي وحدها الأساس، ولا يجوز أن تكون وحدها، بل لا بد أن تكون معها العقائد والعبادات والمعاملات، وهي الصفات الأربعة مجتمعة، كما بينها الله تعالى في كتابه العزيز مجتمعة فقد قال تعالى : (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15) يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ).

 

ولذلك لا يعتبر من كانت أخلاقه حسنة وعقيدته غير إسلامية، لأنه حينئذ يكون كافرا، وليس بعد الكفر ذنب. وكذلك من كانت أخلاقه حسنة وهو غير قائم بالعبادات، أو غير سائر في معاملاته حسب أحكام الشرع.

 

ومن هنا كان لزاما أن يراعى في تقويم الفرد وجود العقيدة، والعبادات، والمعاملات، والاخلاق. ولا يجوز شرعا العناية بالأخلاق وحدها وترك باقي الصفات، بل لا يجوز أن يعنى بشيء ما قبل الاطمئنان إلى العقيدة. والأمر الأساسي في الأخلاق هو أنه يجب أن تكون مبنية على العقيدة الإسلامية، وأن يتصف المؤمن بها على أنها أوامر ونواه من الله تعالى.


ولما كانت خطبة الجمعة هي الخطاب الأسبوعي الرعوي وفق أحكام الإسلام، كان واجبا أن نبين موقف الشارع الكريم، وحكم الشرع الحنيف من مسألة مهمة، وهي زيارة بعثة صندوق النقد الدولي للأردن.


أما بعثة صندوق النقد الدولي ففي هذه الأيام سيعقدون جلسة المراجعة الثانية، مع الحكومة الأردنية وشخصيات غير رسمية، بهدف تسويق برنامج الصندوق التصحيحي للاقتصاد الأردني. ونأتي لبيان حكم الله في المسألة فنقول بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى:


صندوق النقد الدولي هو أداة استعمارية بامتياز، يستعملها الغرب الكافر المستعمر ورأس الكفر أمريكا حاليا ، لنهب ثروات الشعوب والسيطرة على البلاد ، فخبراء الصندوق الدولي هم من جرّد أهل الأردن من ملكيتهم العامة وباعها لمستثمريه باسم الخصخصة، وهم من يسطون على جيوب الفقراء نهباً وسلباً ببرامجهم التصحيحية ، وهو عازم على إقرار ضريبة الدخل التي يريد فرضها على أهل الأردن جبراً عنهم ، وهم من أدار هجمته الشرسة على مناهج أبنائنا ليفسدها كشرط من الصندوق على النظام في الأردن ليعطيه القروض الربوية ، وهم من أوصلنا لنسبة دَين بلغت 94% من الناتج المحلي ، بمساعدة الفاسدين الذين زرعهم في مؤسسات الدولة لينخروا السوس فيها فتقع فريسة سهلة بأيديهم.


ورب العزة يقول: (وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)، وتقتضي هذه الآية الكريمة أن يمنع المؤمنون الكافرين من أي سبيل عليهم، فكيف بنا وقد سلمت البلاد والعباد لصندوق الغرب الكافر ينهش فينا حيث أصاب، فلا أهلا ولا سهلا بخبراء صندوق النقد الدولي، وليعودوا بوصفاتهم وبرامجهم إلى بلادهم التي نخرها الفقر جراء تطبيق نظامهم الرأسمالي العفن.


ألا وليعلم الغرب وأشياعه والأذناب من ورائه، لن يصيبنا الفقر، ولن تقتلنا الفاقة إلا إن احتكمنا لغير شرع ربنا، شرع صندوق الغرب الكافر المستعمر، قال تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، فنحن أمة إسلامية تستمد شرائعها وحلول مشاكلها من كتاب ربها وسنة نبيها، ونحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ولن نبتغ غير الإسلام شريعة ومنهاجا.

وإن لنا موعدا مع النصر والتمكين، وعد من الله رب العالمين ، بتمكين أسده المخلصين ، لتحكيم شريعة ربهم ومنهاجه في الأرض لينفوا خبث المستعمر عن بلادنا الإسلامية الطاهرة ، وإن وعد الله حق ، والله لا يخلف الميعاد.

{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. }

 

     
06 من ذي القعدة 1439
الموافق  2018/07/19م
   
     
http://www.hizb-jordan.org/