8 من شوال 1445    الموافق   Mar 29, 2024

بسم الله الرحمن الرحيم




همسات

أمير الحج، وحدة المسلمين، تحكيم شرع الله... مفاهيم يُذكِّرنا بها موسم الحج في كل عام.


 

قررت وزارة الأوقاف في الأردن أن تكون خطبة الجمعة الموحدة لتاريخ 26/7/2019م بعنوان (الحج في الإسلام: حكمه وأحكامه)، وسيكون لنا وقفات مع هذه الخطبة.


الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وأصاحابه أجمعين، ثم أما بعد.


هاهو حج آخر يمر على المسملين دون أمير لحجاج بيت الله الحرام.. حجٌ آخر دون أمير للمؤمنين في ديار الإسلام، يجمع كلمتهم ، ويحمي بيضتهم ،ويطبق شرع الله فيهم...


يأتي موسم الحج كل عام ليذكرنا بوحدة المسلمين، واضعاً تحت قدمي حجاج بيت الله كل رابطة تحاول تفريقهم وتشتيت أمرهم..

إذ يجتمع المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها على شتى ألوانهم وأعراقهم.. يجتمعون في يومٍ واحد، وفي مكان واحدٍ، يناجوا إلهاً واحداً، أمرهم بالتجرد من كل ما يميز أحدهم على الآخر ليقفوا بين يديه كما أرادهم أن يكونوا؛ أمةً واحدةً من دون الناس، كما قال عز وجل: "إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ" .


وهو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم إذ وقف في موسم الحج مختطباً فقال: "أيُّها النَّاسُ، اسمعوا قولي واعقِلوهُ تعلمُنَّ أنَّ كلَّ مسلمٍ أخ للمسلِمِ، وأنَّ المسلمينَ إخوَةٌ" . 


أيها المسلمون...

إن حجكم هذا هو ملقاكم السياسي كل عام ، لتروا في شأنكم ما يرتضيه ربكم ، من أحكام في شؤون حياتكم ، إن الحج عبادة لله وهو الركن الخامس من أركان الإسلام ، يجمع شمل الأمة بعد تفريقها من الاستعمار وأشياعه وعملائه ، إن الحج وهو شعيرة من شعائر الإسلام، يجب أن تتم فيه مناقشة ما حل بالمسلمين اليوم ، من دمار وهلاك وتقسيم وفرقة وقتل وتشريد وانتهاك للأعراض والمقدسات، ونهب للثروات والمقدرات، بفعل الغرب الكافر المستعمر وعملائه في بلادنا حكام الضرار أذناب الاستعمار.


ولكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ، حين بعث عليا كرم الله وجهه ليلحق بأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أمير الحج وقتها، ليبلغه القرارات السياسية الرعوية التي أنزلها الله على نبيه حيث قال في سورة براءة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28) قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ)...


لا يقربن الكفار المسجد الحرام بعد ذلك العام، وأمر بقتال الكافرين الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، حتى يدفعوا الجزية وهم أذلاء خاضعين لحكم الله وشريعته ،هذه مقررات السياسة الشرعية لكم أيها المسلمون ، وقد فعلها نبيكم صلوات ربي وسلامه عليه ، والخلفاء من بعده ، وطهروا جزيرة العرب من رجس المشركين والكافرين، وأتبوعها بفتوحات ملأت الأرض عدلا ونورا بتحكيم شرع الله.


أيها المسلمون...

أما في هذه الأيام، فَوَيح من أقصى الإسلام عن معترك الحياة، فقد عُطلّت مقررات السياسية الشرعية ، بغياب تحكيم شرع الله في الأرض ، واستباح الكفار بلاد الإسلام ، بغياب دولة الخلافة الجامعة، واستباحوا مقدرات بلاد الإسلام وثروات المسلمين ، فطغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، نسأل الله أن يسلط عليهم وعلى من عاونهم وناصرهم شر عذاب...


حدِّث المسلمين في الحج عن بلادهم الممزقة بفعل الغرب الكافر المستعمر وأذنابه، خاطب المسلمين بخطاب السياسة الرعوي وفق أحكام الله، اذكر للمسلمين تآمر الكفار ومن خلفهم الأشياع والأذناب على بلاد الشام ، كلِّمهم عن فلسطين معراج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصفقة القرن من أمريكا رأس الكفر وزعيمة معسكر الشر، لتصفية قضية أرض فلسطين المباركة لمصلحة اليهود الغاصبين، حدِّث المسملين عن وصفات صندوق النقد الدولي وما فعله بأهل الأردن أرض الحشد والرباط من فقر وتجويع وإفراغ للجيوب ولمصلحة من؟!


حدثّهم أن ما يمر به المسلمون من تقتيل وتشريد وضعف وهوان أنه نتيجة طبيعية لغياب خليفة المسلمين،  فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ" 



أيها المسلمون..

ألا لا يغرنكم تقلب الذين كفروا في البلاد ، وما أحدثوه في الأرض من الفساد ، فمردهم إلى جهنم وبئس المهاد، وأن انظروا لوحدة المسلمين في الحج، رغم أن الأمة الإسلامية مزقت شر ممزق بحدود الاستعمار وأذناب الاستعمار، ولكن لا يزال الحج يوحدنا ، ولا تزال كعبة الله هي محط أنظار جميع المسلمين وقبلتهم ، فهذه الأمة ربها واحد ، ونبيها واحد ، ودينها واحد ، ووعد الله لها قائم بالنصر والتمكين ، وتحكيم شريعة الله في الأرض ، بخلافة راشدة على منهاج النبوة ، فهيا إلى تحكيم شرع الله في الأرض ، وحي على العمل لإقامة دولة الخلافة ثانية في الأرض، واستئناف الحياة الإسلامية بين المسلمين ليعود للحج أميره ، وللمؤمنين أميرهم يجمع كلمتهم ، ويحمي بيضتهم ، ويطبق شرع الله فيهم.



( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )


والحمد لله رب العالمين .

     
23 من ذي القعدة 1440
الموافق  2019/07/25م
   
     
 
  الكتب المزيد
 
  • الدولـــة الإسلاميـــة (نسخة محدثة بتاريخ 2014/12/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الملف) الطبعة السابعة (معتمدة) 1423ه... المزيد
  • من مقومات النفسية الإسلامية الطبعـة الأولى 1425هـ - 2004 م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/10/21م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الم... المزيد
  • النظام الاقتصادي في الإسلام الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1425 هـ - 2004م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/01/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة... المزيد
  • النظام الاجتماعي في الإسلام الطبعة الرابعة 1424هـ - 2003م (معتمدة)   (نسخة محدثة بتاريخ 2013/09/10م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند ف... المزيد
  • نظــــام الإســـلام   الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1422هـ - 2001م   (نسخة محدثة بتاريخ 2012/11/22م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الص... المزيد