9 من ذي القعدة 1445    الموافق   Apr 28, 2024

بسم الله الرحمن الرحيم




خبر وتعليق
الأشكال المادية الحديثة نعمة أم نقمة؟


الخبر:

عنف يلاحق أردنيات بسبب استخدامهن "فيسبوك". تدخل عشرات الفتيات والنساء في الأردن إلى دور الحماية من العنف بسبب استخدام وسائل التواصل الاجتماعي, وبحسب الأرقام الرسمية، فإن امرأتين من بين كل ثلاث نساء في المملكة تحت سن الأربعين عامًا يستخدمن الانترنت، فيما يبلغ عدد المشتركين بموقع فيسبوك من الأردن 4.1 ملايين مشترك بحسب الأرقام, واستقبلت دار الوفاق المخصصة لحماية النساء من العنف منذ بداية العام 556 حالة عنف أسري نصفها تعرض لإساءات جسدية.


وأظهرت نتائج الدراسة، أن وسائل الاتصال الحديثة كانت السبب في طلاق 0.6 بالمائة من عينة الدراسة البالغ حجمها 2315 واقعة طلاق راجعت دائرة إفتاء العاصمة خلال خمسة أشهر.

 

التعليق:

 

أولاً:- إن جميع الأشكال المادية المدنية هي محايدة وليست فاعلة بذاتها, والعبرة والنقاش ليس بوجودها بل بكيفية استخدامها من قبل الإنسان لأنها داخلة في جملة الأشياء والقاعدة الأصولية تقول: "إن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل التحريم". وهي من جملة الأشياء فيبقى لدينا كيفية استخدامها, وهو محل الخطاب الشرعي؛ لأنه الخطاب متعلق بفعل العبد, فالسكين فيها خاصية القطع, وقد يستخدم القطع فيما أحله الله أو فيما حرمه, وأشكال التواصل قد تستخدم فيما يجوز شرعًا: فقد يتحدث الإنسان مع أرحامه كصلة رحم, وهذا مطلوب شرعًا ومأجور عليه وقد يتحدث مع فتاة لا تحل له فيما حرّم الله تعالى.

 

ثانياً:- لقد تساهل بعض الناس فظن أن هذه المواقع للتسلية, ولتضيع الوقت أو طلب الحرام, وبعضهم أخذ يفلسف الأمور: هل هذه حقيقة ينطبق عليها حكم الاختلاط؟ أو إنها عالم خيالي افتراضي, وكأن الحكم الشرعي لم يعالج هذه الأمر, وليس للإسلام حكم فيه؟ يقول العالم الجليل عطاء بن خليل ما نصه: "سؤال حول حكم دردشة الجنسين على الفيس بوك أو الإيميل" إن من الناس من يفلسف الأمور، فمثلاً يركز هذا على التساؤل: هل التواصل في الفيس بوك هو اختلاط؟ وكأنّ الاختلاط هو فقط الحرام، وإن لم يكن اختلاطًا فلا شيء فيه! ويركز ذاك على التساؤل بأنه عالم افتراضي، وكأنه مجرد خيال ذهني يجوز له أن يتخيل ما شاء!! ومنهم من يجهل بعض الأمور المؤثرة في الحكم الشرعي بالنسبة للتواصل بالفيس بوك، أو يظنون أن الأمر ما دام ليس اختلاطًا فلا بأس، أو نحو ذلك مما يختلط عليهم من باب الجهل أو الالتباس ... وليس الأمر كذلك، بل إن الخطاب الموّجه في رسالة من شخص إلى شخص آخر إذا ثبت حدوثها من صاحبها ووصولها إلى المرسلة إليه، فهي تأخذ حكم الخطاب الموّجه مباشرة من ذلك الشخص إلى الشخص الآخر. ولا فرق بين أن تكون الرسالة كُتبت باليد وبين أن تكون كُتبت بآلة ... وكذلك لا فرق بين أن تُنقل إلى المرسلة إليه بأن يحملها شخص إليه، وبين أن تنقل إلى المرسلة إليه عبر الإنترنت أو الفيسبوك أو أي وسيلة أخرى، بل المهم أن يثبت حدوثها من صاحبها، ويثبت وصولها إلى المرسلة إليه، فتحقيق المناط واحد من هذا الوجه ... ولذلك فإن الحكمَ بالنسبة للرسالة واحد، والإنسان يؤاخذ عليها لأنها فعل من أفعاله، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ». (أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، واللفظ للبخاري).

 

وكذلك فإنه قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إرسال رسائل مكتوبة إلى الملوك والحكام لتبليغهم الإسلام، وهو يثبت أن التبليغ بالرسالة، وهو حكم شرعي، كالتبليغ بالخطاب المباشر ... أخرج البخاري: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَأَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ أَنَّهُ كَانَ بِالشَّأْمِ فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدِمُوا تِجَارًا فِي المُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَوَجَدَنَا رَسُولُ قَيْصَرَ بِبَعْضِ الشَّأْمِ... إلى أن قال: ثُمَّ دَعَا القيصر بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُرِئَ، فَإِذَا فِيهِ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ، فَعَلَيْكَ إِثْمُ الأَرِيسِيِّينَ وَقوله تعالى: (يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَإِنْ تَوَلَّوْا، فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)...» انتهى الاقتباس.

 

أيتها الأخوات إن هذه الأشكال المدنية إن استخدمت فيما أحله الله كانت نعمة, وإلا كانت نقمة وإن هذه الأرقام في الطلاق مرعبة. فلماذا لا تكون هذه الأشكال المادية المدنية خدمة للإسلام وأهله بدل الحرام وخراب البيوت وإفساد للمرأة المسلمة والتي هي مستهدفة من قبل الكافر المستعمر؟

 

وفي الختام فإني أذكر نفسي وأخواتي بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلت المرأة خمسها, وصامت شهرها, وحفظت فرجها, وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت». (رواه ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه).

 


كتبته للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - الأردن
راية الإسلام

 

     
16 من ربيع الاول 1437
الموافق  2015/12/27م
   
     
 
  الكتب المزيد
 
  • الدولـــة الإسلاميـــة (نسخة محدثة بتاريخ 2014/12/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الملف) الطبعة السابعة (معتمدة) 1423ه... المزيد
  • من مقومات النفسية الإسلامية الطبعـة الأولى 1425هـ - 2004 م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/10/21م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الم... المزيد
  • النظام الاقتصادي في الإسلام الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1425 هـ - 2004م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/01/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة... المزيد
  • النظام الاجتماعي في الإسلام الطبعة الرابعة 1424هـ - 2003م (معتمدة)   (نسخة محدثة بتاريخ 2013/09/10م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند ف... المزيد
  • نظــــام الإســـلام   الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1422هـ - 2001م   (نسخة محدثة بتاريخ 2012/11/22م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الص... المزيد