بدأت في عمان الأربعاء 13/2/2018 أعمالُ أسبوعِ الوئام بين الأديان الذي تقيمه وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية بالتعاون مع دائرة قاضي القضاة ودائرة الافتاء العام، بعنوان "الأردن أنموذج الوئام بين أتباع المذاهب و الأديان"، وقال وزير الأوقاف و الشؤون والمقدسات الإسلامية: إن الوئام هو الطريق للعيش المشترك والتفاعل الإيجابي الذي تحصل فيه الأمة على مقاصدها ومصالحها العليا بعيداً عن أمراض التعصب والتشرذم، وقال: إن الإحتفال بالأسبوع العالمي للوئام بين الإديان احتفال بالتنوع والحضارة الإنسانية.
لاشك في أن فكرة الوئام بين الأديان نشأت كفكرةٍ غربيةٍ خبيثةٍ دخيلة، لا أصل لها في الإسلام لأنها تدعو لإيجاد قواسم مشتركة بين الأديان وتدعو إلى دين جديد ملفق ليس له علاقة بالاسلام الذي أنزله رب العالمين على محمد صلى الله عليه وسلم، في محاولةٍ لإبعاد المسلمين عن دينهم و الطعنِ بعقيدته وأحكامه في محاولة مكشوفة لفصل الدين عن الحياة وعن الدولة.
وهي فكرة سياسية قديمة بدأها الغرب الكافر في ثلاثينيات القرن الماضي، وتابعتها الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين من خلال تبعية حكامها وبطانتهم للغرب الكافر للترويج لأفكار التعايش الديني والوئام الديني الذي تبنته هيئة الأمم مؤخراً على شكل احتفالية سنوية، تُضفي عليها محاولة تغليفها بغطاء ديني عن طريق رجال الدين أو من يسمون بعلماء السلاطين، من وزراء للأوقاف او القضاة والمفتين المسلمين مع مشاركةٍ ضئيلةٍ من أصحاب الديانات والمعتقدات الأخرى مثل البوذية والهندوسية لتكتمل مقتضيات هذه الدعوات.
والوئام بين الأديان أو الحوار فكرة خيالية لايمكن أن يكون لها واقع والمستهدف منها تحديداً هم المسلمون ودينهم الاسلام، الذي أنزله الله للناس كافة وهو المقبول دون غيره من الأديان لقوله تعالى:( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ )، وهو عقيدةٌ راسخةٌ عند المسلمين لا يمكن إختراقها رغم التدليسِ والتضليل والألفاظ البراقة على لسان حكام المسلمين وعلمائِهم المفترضين، من مثل الوئام بين أبناء البشرية، والأخوة الإنسانية، والتعددية والعيش المشترك، والتسامح، ونبذ الكراهية والتطرف، واستحداثِ قواعدَ لا تستند الى أحكامٍ شرعية لتبرير دعواتهم مثلَ فقهِ الواقعِ وفقهِ الموازنات .
فالحقيقةُ أن الغرب الكافر دولاً ومفكرينَ ينظرون نظرةَ عداءٍ للإسلام والمسلمين، فالمستشرق البريطاني الأمريكي برنارد لويس يقول عن الإسلام والرأسمالية ( إنهما نقيضان لا مجال للحوار بينهما)، أما صموئيل هنغتنتون مدير مؤسسة الدراسات الإستراتيجية في جامعة هارفارد الأمريكية فيقول:( إن التصادم بين الحضارات سوف يُهيمنُ على السياسة الخارجية، والخطوطُ الفاصلةُ بين الحضارات سوف تكونُ خطوطَ المجابهة في المشتقبل )، ثم إذا ما قَرَنْت هذه التصريحات بالأعمال العدائية التي قام ويقوم بها الغرب ومِلَلُ الكفرِ من غيرهم مثل القتلِ والتدميرِ والتهجيرِ والتطهيرِ العرقي التي وقعت وتقعُ بحقِ المسلمين في أفغانستان والعراقَ والشام، وبحقِ مسلمي الإيغور في الصين، ومسلمي البوسنة، والأعمال العدوانية التي يقومُ بها كيانُ يهود، رغم الودِ المذل الذي يتهافت عليه حكام المسلمين معهم، وَوسْمَ الحركات الإسلامية والإسلامَ بالتطرف والإرهاب، ندرك عندها أن الهدف الحقيقي للحوار ودعوات الوئام المشبوهة بين الأديان التي يدعو إليها الغربُ وعملاؤُه من الحكامِ والعلماءِ هو الحيلولةُ دون عودةِ الإسلام مطبقاً في كيان الدولة الإسلامية التي من شأنها أن تُهدِّدَ بقاءَ مَبْدأهِم وحضارتِهم ويُقْصي نُفوذَهم من بلاد المسلمين.
فإذا كان هذا حال أعداء الإسلام فكيف لبطانةِ الحكام من العلماء والمفكرين في وزارات الأوقاف والقضاة والثقافة وغيرها رعايةَ مثل هذه الاحتفاليات والمؤتمرات عوناً للغربِ لفرضِ تشريعٍ بشري عاجزٍ ظهرَ عوارُه في بلادهم، والله سبحانه وتعالى يقول: ( وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ ) و يقول أيضاً: ( وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ ).
أما قولُ وزيرَ الأوقاف بأنَّ الوئامَ بين الأديان ضرورةٌ لخروج الأمة من مشاكلها، هو قولٌ عارٍ عن الصحة وليس له واقعٌ ومضلل، فعلاجُ مشاكل الأمة لا يكون إلا بتطبيقِ أحكامِ الإسلام التي أنزلها الله كمعالجات لكل العلاقات المجتمعية والمشاكلَ التي تنشأ عنها، في دولةِ خلافةٍ على منهاج النبوة، فهذه الدولة هي التي كَفِلَت العيشَ الكريمَ والرحمةَ والعدلَ لكلِ من حمل تابِعيتها على مدى ثلاثة عشر قرناً، فجميع الذين يحملون التابعية الإسلامية يتمتعون بالحقوق ويلتزمون بالواجبات الشرعية ولا يجوز للدولة أن يكون لديها أي تمييز بين أفراد الرعية في ناحية الحكم أو القضاء أو رعاية الشؤون أو ما شاكل ذلك، بل يجب أن تنظر للجميع نظرة واحدة بغض النظر عن العنصر أو الدين أو اللون أو غير ذلك، وهي الدولة التي حملت رسالة الإسلام ودعوته إلى العالم كما أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم: ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ).
أيها العلماء:
ألا تحذرونَ يوماً تُرجَعونَ فيه إلى الله فَيُحاسِبُكم على أقوالِكم؟ فكيفَ تبيعون آخرتَكم بدنيا حُكامِكم الذين تعملونَ لإرضائِهم بدلَ أن تنالوا رِضا الله وتقولوا كلمة حقٍ بحقِ أُمَّتكم التي طالَ عليها زمنُ غيابِ حكمِ الاسلام منذ سقوطِ دولة الخلافة، وهي أُمَّتُكم الأَحَقُ باللحمةِ والوئام والأخوة والوحدة وهم إخوانكم في الدين قبل أن تبحثوا في الوئام مع الأديان التي ما أنزل الله بها من سلطان؟
ألا إن وعد الله بالتمكين والاستخلاف قادمٌ لا محالةَ ولن يُخْلِفَ اللهُ وعْدَه، وعودةُ الإسلامِ كياناً تنفيذياً قادمٌ لا مَحالةَ وفي القريب العاجلِ بإذن الله، فاتقوا يوماً تَشْخَصُ فيهِ الأَبصار، فَلمْ تَعُدْ الأمة تنطلي عليها أقوالُ حُكامِها حتى تُصدقَ أَقوالكم.
المكتب الإعلامي لحزب التحرير – ولاية الأردن
|