قال تعالى: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ). (الحج 78)

لقد منَّ الله على هذه الأمة بعقيدة صافية نقية تربط أبناءها وتسير أمور حياتهم, فهي عقيدة انبثق عنها نظام يعالج جميع أمور الحياة. وقد جعل الله رابطة العقيدة هي الرابطة الصحيحة التي تربط أبناء الأمة قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ...) بل نفى الإيمان عمن لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه قال صلى الله عليه وسلم: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِه». وحرم اقتتال المسلمين فيما بينهم واعتداءهم على بعض فقال صلى الله عليه سلم: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَعِرْضُهُ وَمَالُهُ».

لقد استطاع الكافر المستعمر أن يوجد الفرقة بين أبناء المسلمين بالتآمر عليهم, فأسقط كيانهم السياسي الذي يجمعهم, وعمل على بث روح الفرقة بين أبنائها, وعمل ولا يزال على تفرقتهم بالقومية, ثم بالوطنية, وها هو الآن يلعب على وتر الطائفية. وأوجد النزاعات بين أبناء الأمة حتى يبقى مسيطرًا عليها سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا ويحفظ مصالحه, ويمنع عودة المسلمين إلى وحدتهم. فأوجد الصراعات الطائفية في العراق واليمن وسوريا، وأذكى هذه الصراعات من خلال عملاء لا يمتون للأمة بصلة نصَّبهم على هذه الأمة الكريمة جبرًا عنها, واستخدمهم لتحقيق وحفظ مصالحه.

ومكّن هؤلاء العملاء من صناعة قوى وظيفتها حماية العروش, وسحق الشعوب, وجعل منهم وقودًا لحروب مصطنعة؛ للحفاظ على مصالحه. فها نحن نرى تلك القوى لم تحرك ساكنًا تجاه المذابح التي تحدث لأهل فلسطين, والمذابح اليومية لأهل الشام على يد طاغية الشام، وما يحدث لمسلمي بورما وأفريقيا الوسطى.

بل نرى هذه القوى تقود حروبًا بالوكالة ضد أبناء المسلمين، فها هي تتحرك لضرب المسلمين في الشام ضمن حلف صليبي ضد مشروع الأمة (الخلافة الراشدة) بحجة القضاء على تنظيم نادى بخلافة لغو، وها هي تسعة دول تتحرك اليوم ضمن ما يسمى الآن عاصفة الحزم لضرب الحوثيين باليمن, وتتحرك ضمن حلف آخر لضرب المسلمين في ليبيا والسلسلة تطول.

أيتها الجيوش التي لا نرى عتادها إلا في ضرب المسلمين! أما آن لكم أن تعيدوا حساباتكم وتعودوا لعقيدتكم النقية الصافية, وتعودوا لمكانتكم الصحيحة بإنصاف المظلوم والأخذ على يد الظالم وتحرير بلاد المسلمين المغتصبة وقطع نفوذ الكافر المستعمر من بلادنا؟ كيف لكم أيها الجنود نسيان معركة الكرامة، وحرب اكتوبر؟

أما آن لكم أن تعودوا في صف الأمة, وخدمة لدينها وعقيدتها فتزيلوا عروش الظالمين وتنصروا مشروع الأمة الحق مشروع دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة فتعيدوا للأمة مكانتها بأنها خير أمة أخرجت للناس تنشر العدل والرحمة في الدنيا؟

أما آن لكم أيتها الجيوش أن تنفضوا عنكم ذل التبعية لعملاء لا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولاذمة, وأن تكون تبعيتكم لله ولرسوله وللمؤمنين؟ فالأمة الآن قاب قوسين أو أدنى من تحقيق هدفها بعودة دولة الخلافة الراشدة، فكونوا في صفها وأعيدوا سيرة من قبلكم كصلاح الدين, وقطز, ومحمد الفاتح حتى يتحقق وعد الله لهذه الأمة بالاستخلاف في الأرض والتمكين لها.

قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ). (النور 55)

كتبه محمد زلوم عضو المكتب الإعلامي لحزب
التحرير- ولاية الأردن