9 من ذي القعدة 1445    الموافق   Apr 28, 2024

بسم الله الرحمن الرحيم




الحالة السياسية في العالم الإسلامي ... صراع المستعمرين وعملائهم ضد الأمة

لا شك أن الحالة السياسية في المنطقة العربية من العالم الإسلامي من الأهمية بمكان أن يبذل الجهد بإدراكها ودراستها، وذلك لأن العالم الإسلامي، ومنه المنطقة العربية تعد القلب النابض للعالم بأسره، ولذلك كان اهتمام الغرب المستعمر بهذه المنطقة الحيوية من العالم، فعمل بكل طاقته، وسخر جميع إمكاناته للسيطرة عليها وإخضاعها لنفوذه. وكان لا بد للمستعمر الجديد من إنهاء نفوذ المستعمر القديم، وكان كذلك حال المستعمر القديم من محاربة نفوذ المستعمر الجديد.


ولما كان الصراع على بلاد المسلمين، وعلى مقدرات المسلمين المادية والإستراتيجية، فكان لا مانع لدى الكافر المستعمر من أن ينصب عملاء له يعملون للحفاظ على مصالحه ويمنعون الأمة من الانعتاق من ذل التبعية للغرب، والانعتاق من قيد الاستعمار وهيمنته. وكذلك كان من أهداف المستعمر القديم السيطرة الفكرية والسياسية على الأمة من خلال زرع الأفكار والمفاهيم الغربية وإحلالها مكان العقيدة الإسلامية وأفكارها.

وأما الصراع بين المستعمرين، فهي نتيجة طبيعية للمبدأ الرأسمالي الذي يحدد حتمية الصراع على كل شيء، و حيازته للطرف اﻷقوى. فوقعت المنطقة من غير إرادة منها في صراع القوى الاستعمارية الطاحنة والمدمرة لكل ما هو عزيز على المسلمين، فتم استخدام العملاء وجنودهم وزبانيتهم لتمهيد اﻷجواء العامة من خلال التأثير على الرأي العام لسوقه بأي اتجاه يريده السيد المستعمر، فكان العملاء ينفذون إرادة المستعمر بمنتهى الجدية واﻹنضباط، وكانت السفارات الغربية هي التي ترسم خطط الصراع وتباشر تنفيذها، فكان الصراع متعدد الوجوه وعلى جبهات مختلفة، وكان من أهم هذه الجبهات التي خاض العملاء حروبهم بها، كانت مع الأمة نفسها، حيث إنهم أمعنوا فيها القتل والذبح والنهب والسلب.

ولما كانت الأمة واقعة تحت نير الاستعباد من قبل العملاء وأسيادهم، فوقع عليهم الظلم والفساد وسوء الرعاية، وذل التبعية والتجهيل الممنهج، مما جعل الأمة تفقد جذوة عقيدتها وأثرها في حياتها. لقد كان كل ذلك نتيجة ارتباط الفئة الفاعلة في الأمة، تلك الفئة التي خانت الله تعالى، وخانت رسوله صلى الله عليه وسلم، وخانت آمانتها، فانسلخت عن قيمها ومثلها، واتبعت سبل الشيطان فضلت الطريق.

•  لقد خاض العملاء معركتهم الأولى في أول رصاصة عار أطلقت على قلب دولة الخلافة العثمانية.
•  كما خاض العملاء معركة تقسيم الأمة باتفاقية الذل والهوان - سايكس بيكو - التي جعلت من الأمة اﻹسلامية الواحدة بضعًا وخمسين مزقة قطرية.
•  كما خاض العملاء معركتهم مع الأمة عندما عملوا على تحويل حكمها من اﻹسلام إلى الكفر، سواء بالرأسمالية أو اﻹشتراكية.
•  كما خاض العملاء معركتهم مع الأمة بتثبيت الوطنية مكان الأخوة في الدين.
•  كما خاض العملاء معركتهم مع الأمة، عندما جعلوا من شذاذ اﻵفاق - يهود - جزءًا من المنطقة، فخاضوا معها معارك الانهزام المسبق، وذيلوا انهزامهم باتفاقيات السلام والتطبيع.
•  كما خاض العملاء معركتهم مع الأمة فأدخلوها بحروب مصطنعة لخدمة الكافر المستعمر بخوضهم حروبًا فيما بينهم - العراق و إيران، والعراق والكويت - فدمروا بحربهم البلاد وأراقوا الدماء، وأسسوا للفتن بين أفراد الأمة ومكوناتها الفكرية والسياسية.
•  كما خاض العملاء حروبهم على الأمة بأكذوبة الدهر "اﻹرهاب" فشنت الحملات التي تشوه صورة اﻹسلام والمسلمين. فتم قتل واعتقال وتسليم المسلمين للكفار لتعذيبهم وقتلهم في سجون غوانتانامو وغيرها.
•  كما خاض العملاء حروبهم لخدمة الكافر المستعمر مباشرة، وكان المسلمون وأموالهم هم الوقود عندما فتحوا باب الجهاد في أفغانستان لقتال الروس، والقضاء على نفوذهم المباشر، والقضاء على عميلهم نجيب الله.
•  وكذلك كانت الجبهة الثانية التي قاتل عليها العملاء، كانت محاربة نفوذ المستعمر الجديد، وكذلك كان المسلمون هم وقود تلك الحروب، والمعارك المصطنعة التي سفك فيها الدم الحرام، وأتلفت مقدرات الأمة وسلبت وحرقت وفجرت لمصلحة الكافر المستعمر.
•  كما خاض العملاء حروبًا بالوكالة أو بالدعم المالي لقتال المسلمين كما حدث في مالي، عندما مولت دول تسمى باﻹسلامية الحملة الفرنسية للقضاء على المسلمين في مالي.
وها هم اليوم يخوضون حروبًا بالوكالة في الشام والعراق واليمن، حروبًا ﻹزالة عميل، ولتثبيت عميل آخر، حروب الخاسر الوحيد فيها هم المسلمون، والرابح الوحيد فيها هو الغرب وعملاؤه.

ولذلك يجب على أمة رسولها محمد صلى الله عليه وسلم، وعقيدتها اﻹسلام أن تثوب لرشدها وصالح أمرها بنبذ العملاء وزبانيتهم، واتخاذ المواقف التي تنجيهم من غضب الله تعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، يجب على الأمة اليوم أن تدرك أنه لا نجاة لها إلا بنظام الخلافة اﻹسلامية الراشدة على منهاج النبوة، الذي به يعصم الدم، ويأمن على العرض، يبنى المستقبل للولد والحفيد.

 

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- الأردن
الأستاذ: إبراهيم حجات

     
27 من جمادى الأولى 1436
الموافق  2015/04/11م
   
     
 
  الكتب المزيد
 
  • الدولـــة الإسلاميـــة (نسخة محدثة بتاريخ 2014/12/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الملف) الطبعة السابعة (معتمدة) 1423ه... المزيد
  • من مقومات النفسية الإسلامية الطبعـة الأولى 1425هـ - 2004 م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/10/21م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الم... المزيد
  • النظام الاقتصادي في الإسلام الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1425 هـ - 2004م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/01/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة... المزيد
  • النظام الاجتماعي في الإسلام الطبعة الرابعة 1424هـ - 2003م (معتمدة)   (نسخة محدثة بتاريخ 2013/09/10م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند ف... المزيد
  • نظــــام الإســـلام   الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1422هـ - 2001م   (نسخة محدثة بتاريخ 2012/11/22م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الص... المزيد