الخلافة الإسلامية دولة ترعى المسلمين، وكل رعايا دولة الإسلام، لذا وجب على كل المسلمين جماعات وأحزابًا وأفرادًا أن يعملوا لإعادتها إلى الوجود بعد أن تآمر عليها الغرب الكافر المستعمر، وهدمها مع قلة قليلة من أبناء المسلمين، فكان أن انبرى ثلة من علماء المسلمين ومن أبناء بلاد الشام لإعادة دولة الخلافة إلى الوجود لتكون حامي حمى الإسلام والمسلمين، وقد كان عملاً أشبه بالخيال، والنحت على الصخور من كثرة العراقيل التي وضعت في طريقه، وحُق لبعض الناس أن يصفوا حزب التحرير وشبابه بالحالمين والطوباويين، وذلك لما لاقت الأمة من تراجع وتقهقر فكري وعقدي سواء من الاشتراكية منها، والرأسمالية والديمقراطية، ومن ثم العلمانية بأشكالها الوطنية والقومية، وما إلى ذلك من فكر منحط عانت الأمة منه الأمرين، ولكن العقيدة وأفكارها وما تبناه من فكر سياسي مبني على وجهة نظر الإسلام في الحياة، تلك التي بثها حزب التحرير في شبابه والأمة، جعلتهم قلاعًا تتكسر عليها كل الأفكار الغريبة عن عقيدة الأمة الإسلامية، ولقد حوصر الحزب وقيادته، وعوقبوا بكل أشكال العقوبات سواء بالإعدام أو بالسجن أو بالطرد من الوظائف، وانتهاءً بالاغتيال والقتل، وبعد عراك وصراع وكفاح تصدى الفكر الإسلامي الخالص الذي تبناه حزب التحرير واستطاع أن يدحض ويصرع كل فكر بثه الغرب الكافر بين أبناء الأمة الإسلامية، وثبت للأمة أن الفكر الأصيل والإسلام الخالص الذي يدعوهم له حزب التحرير، هو سبيل الخلاص والتحرر والانعتاق من كل فكر دخيل على هذ الأمة التي تآمر عليها العالم أجمع، فأصبح ذاك الفكر (الحالم والطوباوي) يجوب القارات الخمس، ورايته التي هي راية الرسول صلى الله عليه وسلم وهي راية العقاب ترفع عالميًا وتنتشر على شاشات الفضائيات وتفرض نفسها على كل الأخبار السياسية، وتحول فكرها من فكر مخفي لا يعلم عنه إلا ذو البصر والبصيرة إلى فكر تتدارسه مراكز الدراسات الاستراتيجية ودور الفكر والسياسة، ويتقرب لذاك الفكر القاصي والداني من علماء المسلمين وجماعاتهم وأحزابهم، وعليه أصبح ذكر الخلافة على منهاج النبوة وحزب التحرير صنوان، بمعنى أنه لا يذكر أحدهما إلا ويذكر الآخر معه.

وعليه فإن حزب التحرير ليس حزبًا أردنيًا، ولا لبنانيًا ولا يأخذ سمة أي بلد يعمل فيها سوى سمة الإسلام عقيدة ونظام حياة:
•  إن حزب التحرير هو حزب سياسي عالمي يعمل في كل بلاد المسلمين، وشبابه منتشرون ويعملون في القارات الخمس.
•  إن حزب التحرير لا يهتم بشأن دولة أو بلدة عربية أو إسلامية ويترك غيرها من الدول أو البلدان، بل هو يهتم بكل شؤون المسلمين، وفي جميع بلدانهم، سواء أكان هذا الشأن متعلقًا بأمر من الأمور السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو قواعد وأنظمة الحكم.
•  إن حزب التحرير يتبنى مشروعًا حضاريًا مستمدًا من العقيدة الإسلامية، ويحمل لواء الدعوة لإعادة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي بشر بها نبينا عليه الصلاة والسلام.

أنا أحدثكم من بلاد يقال لها الأردن حسب التقسيم الجغرافي لـ (سايكس وبيكو)، ومن إحدى ولايات الشام التابعة لدولة الخلافة الإسلامية حسب التقسيمات السابقة، وعمل حزب التحرير في الأمة يهدف إلى توحيد جميع بلاد المسلمين في دولة واحدة، وبناء عليه فإن الرَّد على أي فكر يناقض الإسلام أو أية مؤامرة سياسية على المسلمين سيكون من بلاد الشام إلى بلاد المغرب الإسلامي، ومن آسيا إلى إفريقيا وعكس ذلك صحيح أيضًا، فإن الإسلام مبدؤنا وديننا الذي قام حزب التحرير على أساسه، وعليه لا يعترف حزب التحرير بالحدود التي فرضها الكافر المستعمر.

إن حزب التحرير بالذات لا يقر، ولا يعترف بحدود (سايكس وبيكو) ولا يخضع لأي استعمار فرنسي ولا إنجليزي. وحزب التحرير حين ينتقد من بلاد الشام شأن في بلاد المغرب العربي ليس لأنه عربي قومي، بل لأنه إسلامي ويدعو للخلافة، ولتوحيد بلاد المسلمين في دولة واحدة، وعليه يكون الكشف والتوضيح للأمر والرَّد ليس فقط من الأردن، ومن مصر، ومن السودان، ومن باكستان، ومن إندونيسيا، بل ومن كل بلاد يذكر فيها اسم الله!!، فنحن في حزب التحرير نسعى لتوحيد بلاد المسلمين، إننا نرى أنفسنا أننا نستأهل ونستحق أن نكون كغيرنا من البشر في بلد واحد كبير يجمع شتات المسلمين ويلم شعث بلادهم، وفي هذا المقام تبرز لدي تساؤلات عدة لا أريد عنها إجابات:

• أليس بوحدتنا تكمن قوتنا وقوة اقتصادنا؟
•  أليس بوحدتنا تجميع ثرواتنا وتكاملنا الاقتصادي؟
•  أليس بوحدتنا نرضي ربنا بالقيام بفرض إعادة قيام دولة الخلافة الإسلامية، وتنصيب خليفة واحد يكون له في أعناقنا حق البيعة؟
•  هل اتحاد أمريكا وأوروبا يصلح لهم ويليق بهم وينجح؟ واتحادنا لا يصلح لنا ولا يليق بنا ولا ينجح؟
•  أليس ديننا دين وحدة، وعقيدتنا عقيدة واحدة؟
•  هل هؤلاء الكفار المستعمرون أولى منا بالوحدة؟
•  أليس الله تعالى يقول في كتابه العزيز: (وَالَّذِينَ كَفَرُ‌وا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْ‌ضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ‌)؟ (الأنفال 73)

وإن حزب التحرير معروف عالميًا بطرحه لقضايا المسلمين السياسية، وله مشروع دستور مستنبط من القرآن والسنة، وعلى سبيل المثال لا الحصر نضرب مثالا على عصب أي دولة وهو النظام الاقتصادي، ومن أشهر كتب الاقتصاد في العالم الاسلامي كتاب "النظام الاقتصادي في الإسلام" للشيخ الأزهري، مؤسس حزب التحرير العالم الجليل تقي الدين النبهاني، وله كتيبات ونشرات كثيرة في هذا الشأن، وعقد في السودان مؤتمر الخرطوم الاقتصادي العالمي.

فبارك الله تعالى في حزب التحرير، وفي كل مخلص ينبه الأمة على ما يحاك ضدها، وفي النهاية ندعو كل مسلم مخلص لدينه أن يبحث في موقع المكتب الإعلامي لحزب التحرير عن القضايا السياسية والاقتصادية ذات الشأن، وعن القضايا الفكرية التي تهم كل بلاد المسلمين والأمة الإسلامية بشكل عام، وإني لعلى تمام اليقين أنه إن كان مؤمنًا حق الإيمان فسيجد ما يسره ويشرح صدره انسجامًا مع قوله تعالى: (فَلَا وَرَ‌بِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ‌ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَ‌جًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا). (النساء 65) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- الأردن
الأستاذ وليد نايل حجازي "أبو محمد"