الحمد لله رب العالمين، ناصر عباده المخلصين، ومذل الكفرة الفاسقين، ومعلي كلمة هذا الدين، والصلاة والسلام على الرسول الأمين، قائد الأمة، الداعي إلى خير العالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على دربه واستن بسنته إلى يوم الدين.

الثورات وكيفية التغيير الصحيح، إن الثورات التي ظهرت في المنطقة أي في البلاد الإسلامية لهي ثورات مباركة فقد كشفت زيف وتآمر الأنظمة على الأمة الإسلامية، ولكن ما كان ينقص هذه الثورات هو الوعي السياسي الشرعي الذي علمنا إياه حبيبنا المصطفى عليه الصلاة والسلام، ففي ديننا الإسلامي العظيم نظام سياسي للحكم وكيفية تطبيقه، والوصول إليه وقد أمرنا الله أن نحتكم إلى شرعه بقوله عز وجل: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً).

فالثورات التي قامت بمجملها كانت ردة فعل طبيعية لقهر وظلم الأنظمة، وهذا مما لا يُنكر على أحد، لكن ما يتوجب على أصحاب الثورات أن يملكوه هو مشروع سياسي واضح متبلور لديهم؛ لكي يصلوا إلى مبتغاهم، فقد ثار الشعب على النظام ويريد إزالة هذا النظام الفاسد، لكن إزالته هو كهدم سقف بيت يوشك على السقوط، فإن لم يبن غيره، كشف البيت وزاده سوءًا على سوء، ولا يقال هنا: "إذن فلنبق بما نحن فيه". فالتغيير في ديننا الحنيف فرض على كل من يرى المنكر؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رآى منكم منكرا فليغيره» أو كما قال حبيبنا المصطفى، فهل من منكر أكبر من تعطيل حكم الله في الأرض؟ فكيف يكون التغيير؟ وهل أمرنا الإسلام بالتغيير دون تبيان الطريقة؟

لقد أمرنا الله بالصلاة، وحدد كيفية الصلاة، وأمرنا بالصوم، وحدد كيفية الصوم أو الطريقة التي نصوم بها، وهكذا بقية الفروض، فالإسلام دين كامل وشامل، فما ترك شيئًا إلا وأعطانا طريقة لتنفيذه، ولو بحثنا في كيفية إقامة حكم الله، لوجدنا أن قائدنا وقدوتنا محمدًا أقام هو وصحبه الدولة الإسلامية الأولى وحافظ عليه من بعده الخلفاء، ومن هنا نقول: إن الطريقة الوحيدة التي حددها الشرع هي طريقة رسول الله في إقامة دولة الإسلام، فبدونها لن تغير الثورة تغييرًا صحيحًا، قد تغير شخصيات وقوانين معينة تريح لحد ما، كمن رقع ثوبه المهترئ الذي لا يكاد أن يرقع. فكيف غير رسول الله وسار في طريقه حتى وصل لإقامة دولة الإسلام؟

إن الاجابة عن هذا السؤال تطول، وتتفرع منه المسائل، ولكن باختصار، ولمن يتمعن بكيفية سير الرسول صلى الله عليه وسلم كان يطلب من القبائل الإيمان به ونصرته على حرب العرب والعجم من جهة، ومن جهة أخرى كان يعمل لكسب الرأي العام أي لقبول الناس به وبدعوته، وكان ذلك واضحًا عندما أرسل مصعب بن عمير إلى المدينة ليدعو إلى دين الله، حتى إنه لم يبق بيت في المدينة إلا ودخله الإسلام، وبعد استلام قائدنا وسيدنا محمد الحكم وضع الدستور العام للمدينة المنورة. فمن ديننا نجد أن التغيير يتطلب أمورًا عدة من أهمها:

1. كسب الرأي العام من عامة الناس.
2. طلب النصرة من أهلها أي من أهل النصرة والقوة والمنعة.
3. مشروع واضح ومبلور عند أصحاب القضية.

وإننا في حزب التحرير، الحزب الرائد الذي لا يكذب أهله، ندعو أمة الإسلام لقراءة ودراسة مشروع الدستور الذي أعده الحزب مستنبطًا من كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والعمل الجاد المخلص الواعي لإقامة دولة الإسلام كما أقامها حبيبنا المصطفى؛ لتكون خلافة على منهاج النبوة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولايةالأردن
الأستاذ محمود أبو ليث