11 من ذي القعدة 1445    الموافق   Apr 30, 2024

بسم الله الرحمن الرحيم




ما يسمى بالابادة الجماعية للأرمن قبل مائة عام
ما هو الا حلقة في سلسلة تجريم الخلافة ونظامها


يطلق مصطلح الإبادة الجماعية على سياسة القتل الجماعي المنظمة التي تقع على طوائف أو شعوب على أساس قومي أو عرقي أو ديني أو سياسي.
وموضوعنا هذا يتناول خرافة ما يسمى الإبادة المنظمة التي تعرض لها الأرمن سنة 1915 خلال الحرب العالمية الأولى وتحديدًا بعد سنة من اندلاع الحرب العالمية الأولى، فما الذي حصل سنة 1915؟ تعاون القوميون الأرمن مع القوات الروسية بغية إنشاء دولة أرمينية مستقلة في منطقة الأناضول وحاربوا ضد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى، وعندما احتل الجيش الروسي شرقي الأناضول لقي دعمًا كبيرًا من المتطوعين الأرمن العثمانيين والروس كما انشق بعض الأرمن الذين كانوا يخدمون في صفوف الجيش العثماني وانضموا إلى الجيش الروسي، وبينما كانت الوحدات العسكرية الأرمينية تعطل طرق إمداد الجيش العثماني، وتعيق تقدمه عمدت العصابات الأرمينية إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلوها، ومارست شتى أنواع التعذيب بحق الأهالي والأرشيف العثماني لدى رئاسة الوزراء التركية يوثق مقتل قرابة 47 ألف شخص على يد العصابات الأرمينية وقد كان من فظائعهم أنهم جمعوا من أعيان ووجهاء إحدى المدن 286 من وجهائها، وقتلوهم بصب الزيت المغلي على أجسادهم في المسجد الكبير، وهناك 200 مقبرة جماعية وإحدى المقابر تم اكتشافها سنة 1991م بقربة سوباط وهي تضم رفاة 570 قتلوا وحرقوا وتم التمثيل بجثثهم بواسطة الحراب.

وقد أثار (أراس) أحد المؤرخين في جامعة القوقاز بأنهم أي الأرمن كانوا يجمعون المسلمين بالآلاف في مستودعات التبن ويحرقونهم وهم أحياء، وقد حاولت الدولة العثمانية ثنيهم عن ذلك إلا أن محاولاتها باءت بالفشل، ومع هذا الجو، وفي ظل الاعتداءات المتكررة من العصابات الأرمينية المتواطئة مع روسيا، قررت الدولة العثمانية سنة 1915م إخراج الأرمن القاطنين في مناطق الحرب، والمتواطئين مع الجيش الروسي مع تأمينهم بكل ما يلزم من زاد وراحلة، إلا أن عوامل كثيرة ساهمت في زيادة عدد قتلى الأرمن من طول الطريق، وظروف الحرب بالإضافة إلى من سعى من الناس للانتقام منهم مع العلم أن الدولة العثمانية عاقبت كل من تعرض لها خلال تهجيرهم من الحرب العالمية الأولى. ثم بعد انسحاب روسيا سنة 1917م بعد الثورة البلشفية استولى الأرمن على ما تركته روسيا خلفها من أسلحة، وعادت لتحتل أراض للدولة العثمانية شرقي الأناضول؛ لتصبح فيما بعد دولة أرمينية، ونالت الاعتراف بها كدولة سنة 1920م.

من هذه المقدمة اللازمة لفهم الموضوع ندرك أن ما حصل للأرمن لا علاقة له إطلاقا فيما يسمى بالإبادة العرقية، والدليل الحسي على ذلك بأن الأرمن في غير مناطق الصراع أو بالأحرى الذين لم يتواطؤوا لقتل المسلمين ومساعدة روسيا بقوا موجودين في سوريا ولبنان وغيرها وإلى الآن لم يمسوا بأذى فخرافة الإبادة العرقية أو الإبادة الجماعية لعرق أو دين أو طائفة ربما ينطبق على الإسبان ومحاكم التفتيش، أو ما حصل في رواندا أو بوروندى أو أفريقيا الوسطى على أيدي غير المسلمين أم المسلمين، فليس لهم أن يقتلوا من كان في وقتهم من نصارى أو غيرهم.

ثم لنا أن نسال من يحيون الذكرى المائة لمجازر الأرمن: لماذا الآن؟ والجواب هو أنها حرب الكفار على المسلمين عقيدة ودولة ونظاما ... نعم إنه السعي الدؤوب لتلويث تاريخنا وحضارتنا بعد أن حاولوا تلويث الخلافة بممارسات البعض، ولسان حالهم هذه خلافتكم في الماضي والحاضر ... قتل وإبادة وتهجير !!!
ولعمري فإن عدل الدولة مع رعيتها ليس له دافع، والشمس لا تغطى بغربال، وإن أحكام أهل الذمة الذين يعيشون في دار الإسلام مبسوطة في كتب العلم ليست بخافية على جاهل فضلا على عالم، وإن الدولة العثمانية التي حكمت بلادًا واديانًا وطوائف شتى، وقامت منذ نشأتها على الكتاب والسنة، تفتح البلاد، وتنشر العدل بين الناس، وليس المخبر كالمعاين، فلو كان حالها كما يدعي أعداء الإسلام لما بقيت الطوائف غير المسلمة تعيش منذ ما يزيد على خمسة قرون في كنفها، وتحت ظلها، بل إن كثيرًا ممن كان يعيش في الغرب في أوروبا كان يهاجر من بلده وأهله ليعيش تحت راية الدولة الإسلامية لما رأى فيها من عدل وأمان، ولنقرا إذا شئنا تاريخ السلطان محمد الفاتح الخليفة العادل، وكيف تصرف بعد أن أصبحت عاصمة الكفر اسطنبول تحت يده بأهلها ومالها وأرضها.

ولا عجب في عدل الدولة مع رعيتها فالإسلام أمرنا بذلك، فرسولنا عليه السلام أوصانا بمعاملة الذمي معاملة حسنة، فيرفق به ويعان على أمره، ويجب أن يقوم المسلمون على حمايته وحماية ماله وعرضه، وأن يضمن له قوته ومسكنه وكسوته.

ونختم هنا ببعض الأحاديث والآثار التي تؤيد كلامنا، وتدعمه بقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «اطعموا الجائع، وعودوا المريض وفكواالعاني». قال أبو عبيد: "وكذلك أهل الذمة يعاهد من دونهم، ويفتك عناتهم فاذا استنقذوا رجعوا إلى ذمتهم وعهدهم أحرارا، وفي ذلك أحاديث. وعن عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب أنه قال في وصيته عند موته: "وأوصي الخليفة من بعدي بكذا وكذا، وأوصيه بذمة الله، وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم خيرًا، أن يقاتل من ورائهم، وأن لا يكلفوا فوق طاقتهم، ويترك الذميون وما يعتقدون، وما يعبدون لقول الرسول: «من كان على يهودية ونصرانية فإنه لا يفتن عنها». فدولة هذا حالحها وهذا دينها لا يمكن أن تقوم بإبادة من وصاها رسولها بالإحسان إليهم، ولا أدل على ذلك كما أسلفنا من عيشهم في بلاد المسلمين آمنين مطمئنين لقرون عديدة ...

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية الأردن
الأستاذ أبو المعتز بالله الأشقر

 

     
18 من رجب 1436
الموافق  2015/05/07م
   
     
 
  الكتب المزيد
 
  • الدولـــة الإسلاميـــة (نسخة محدثة بتاريخ 2014/12/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الملف) الطبعة السابعة (معتمدة) 1423ه... المزيد
  • من مقومات النفسية الإسلامية الطبعـة الأولى 1425هـ - 2004 م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/10/21م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الم... المزيد
  • النظام الاقتصادي في الإسلام الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1425 هـ - 2004م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/01/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة... المزيد
  • النظام الاجتماعي في الإسلام الطبعة الرابعة 1424هـ - 2003م (معتمدة)   (نسخة محدثة بتاريخ 2013/09/10م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند ف... المزيد
  • نظــــام الإســـلام   الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1422هـ - 2001م   (نسخة محدثة بتاريخ 2012/11/22م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الص... المزيد