9 من ذي القعدة 1445    الموافق   Apr 28, 2024

بسم الله الرحمن الرحيم




دور الأحداث في وعي الأمة


إن الأحداث التي وقعت ولا تزال تقع على أمة الإسلام قد قسمت الناس إلى ثلاثة أقسام وهم:

1. الفئة المؤمنة والتي تعتقد اعتقادًا جازمًا أن النصر آت, وأن وعد الله قائم وهي لا تبحث في النصر أين ومتى, بل تبحث ما عليها من أعمال وجهود جبارة قد كلفها الله بها في ظل التكالب الدولي على الأمة قال تعالى: (ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما. من الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا. لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا).

2. الفئة الضعيفة المترددة والتي لم تحسم أمرها فلا هي وقفت مع الفئة الأولى ونصرتها, ولا هي عادت الفئة الثالثة فهي ترقب الأحداث وكأن الأمر لا يعنيها وكأن الغرب سيتركها وشأنها ولن يقتلها فهي لم ترفع راية ولم تحدد موقفا نسأل الله لها الهداية وأن تكون في صف المؤمنين الصادقين.

3. الفئة الخائنة والمجرمة التي أرتبطت بدول الغرب ومنظماته وعملائه من حكام وحركات وأحزاب وأفراد والتي هي أشبه- بل هي- بدور المنافقين فقد كان لسان حالهم: "أعل هبل" ولكن الله أعلى وأجل. وأذكرهم بما ورد عن عمر رضي الله عنه قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «كنت في مكة اقرأ قول الله تعالى (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ). (القمر45) فأقول أي جمع هذا الذي سيهزم؟ حتى كانت غزوة بدر فرأيت المشركين يعطوننا أكتافهم للذبح، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ).

يقول الدكتور رفيق حبيب وهو كاتب مصري قبطي في مقال له: "بالنسبة للدول الغربية، تمثل فكرة استعادة الدولة الإسلامية الموحدة، مشروعًا لبناء كيان دولة عظمى. وهو ما يعني ضمنا تحدي الدول الغربية وأمريكا، بوصفها القوى العظمى في عالم اليوم. ولا يمكن أن يستمر الغرب في تفوقه على مختلف دول العالم، إذا تم بناء دولة الوحدة الإسلامية والتي سوف تقع على الحدود الجنوبية للغرب، وتفصل الغرب عن بقية دول العالم، وتحتل منطقة قلب العالم. فإذا قامت دولة للوحدة الإسلامية، لن يستمر الغرب كقوة عظمى. والأهم من ذلك، أن دور الحضارة الغربية بوصفها الحضارة المتقدمة والمهيمنة على العالم، سوف ينتهي". (جزء من مقال بعنوان: الإسلام الجديد مشروع بلا خلافة)


لقد ازداد وعي الأمة على الواقع القذر الذي تعيشه, وملكت من الوعي الفكري والسياسي ما يمكنها من إحداث التغيير المنشود, ولم تعد أقدام الغرب الكافر ثابتة كما كانت من قبل, بل إن حركة الأمة ووعيها زلزل أقدامها, وأفقدها توازنها؛ فأصبحت تتخبط حتى ارتدت نتائج مخططاتها عليها, لا بل إن الغرب الكافر استنفد بعض أوراقه, ولم يبق في جعبته الكثير, بل إن سهامه التي أطلقها أصابت عملاءه بمقتل, وترنحت مكائده ننتيجة الوعي الذي أبداه العاملون المخلصون والفضل أولاً وأخيرًا لله تعالى.


وأخيرًا: إن هذه الأمة العظيمة قد وعدها ربها بالنصر والتمكين, وعدًا ممن يملك لمن يستحق, ولا يخلف وعده, حيث قال تعالى: (وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ). (النور 55) وحركة الأمة اليوم في حركة تصاعدية ضبطت سلوكها بأحكام ربها, وكتبت مسيرتها بدمائها, وقدمت أرواحها وفلذات أكبادها, فلئن حدثنا التاريخ عن خنساء واحدة فنساؤنا كلهن خنساوات! ولئن تكلم التاريخ أن الشباب كان منهم قيادات, فشبابنا اليوم كلهم قادة, ورجال تضحية وفداء! وشباب الأقصى أكبر دليل حيث أقبلوا على الله التزامًا بأمره, فمنهم من قضى نحبه, ومنهم من ينتظر, وما بدلوا تبديلا. والله نسأل أن يرزقنا الثبات على دعوة الحق, والإخلاص في القول والعمل, إنه ولي ذلك والقادر عليه ... اللهم آمين يا رب العالمين!!


كتبته للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية الأردن
راية الإسلام


 

     
08 من ربيع الاول 1437
الموافق  2015/12/19م
   
     
 
  الكتب المزيد
 
  • الدولـــة الإسلاميـــة (نسخة محدثة بتاريخ 2014/12/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الملف) الطبعة السابعة (معتمدة) 1423ه... المزيد
  • من مقومات النفسية الإسلامية الطبعـة الأولى 1425هـ - 2004 م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/10/21م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الم... المزيد
  • النظام الاقتصادي في الإسلام الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1425 هـ - 2004م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/01/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة... المزيد
  • النظام الاجتماعي في الإسلام الطبعة الرابعة 1424هـ - 2003م (معتمدة)   (نسخة محدثة بتاريخ 2013/09/10م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند ف... المزيد
  • نظــــام الإســـلام   الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1422هـ - 2001م   (نسخة محدثة بتاريخ 2012/11/22م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الص... المزيد