10 من ذي القعدة 1445    الموافق   Apr 29, 2024

بسم الله الرحمن الرحيم




الثورة العربية الكبرى وآثارها على الأمة


حينما تحفزت بريطانيا وشريكاتها فرنسا وأوروبا للانقضاض على دولة الخلافة العثمانية اتخذت لهذا العمل جملة من الخطوات التمهيدية, وهي إشاعة فكرة القوميات عند العرب والعجم. إشاعة أن معدن العرب هم أصل الإسلام, وأن الترك هم المستعمرون لبلاد العرب, ولذا أنشأت لهذه المهمه الجمعيات القومية (عربية, وكردية, وتركية, فارسية) ... إلخ وكانت هذه الجمعيات تعمل على تفتيت الأمة, ونخرها من الداخل, وتمزيقها وترسيخ الأفكار القومية والوطنية حتى أصبح بين الأمة وسلطانها أسوار وسدود مستغلين الحروب المتتالية التي اشتعلت وأشغلت الدولة عن شأنها الداخلي, ثم اشترى الأوروبيون من بعض رخيصي النفوس من زعماء القبائل وأمراء المناطق لكي يكونوا رأس حربه في إثارة الفتنة, وإشعالها وتأليب الناس على الدولة.


وبعد أن أخذت هذه الوصفات السامة مفعولها, واحتقان الأمة وهي في غفله عما يحاك لها, تم الإعلان عن الثورة العربية الكبرى, والتي كان يقودها ضابط انجليزي واسمه لورانس والناس تبعٌ لأمرائهم, وهؤلاء تبعا لهذا الدعي لورانس العرب.


اطلقت الرصاصة الأولى على قلب هذه الأمه, فقتلت جمعها العظيم, فتفتت المسلمون مزقًا: شعوبًا, وقبائل يقاتل بعضها بعضًا, ويستعدي بعضُهُم عَدوَّهُم على بعض, قتلت رصاصتها المروءة والشرف, ومزقت ديار الأمة, حتى باتت أرضهم ضيقة بأهلها, واسعة لعدوها, فقيرة بهم, غنية لغزاتها, مطية للطامعين, عصية على المؤمنين, كانت دولة عظيمة, تهتز لها الدنيا قبل ثورة الغدر والخيانه, تهز عروش ملوك العالم, ويكتبون لوليها: "خادمكم العبد الذليل الراجي العفو والصفح". فأصبح حكامها يتذللون, ويستعطفون أسياد ثورة الغدر والخيانة, أن يصفعوهم بالنعال حتى ينالوا شرف رضاهم. كانت أرض الإسلام ودولتها مهوى الأفئدة, ومحط الأنظار, حتى طعنت بخنجر الثورة المسموم طعنة نجلاء, استعصت على كل الأطباء, ولا زالت تعاني من تلك الرصاصة الغادرة.


كانت الأمة ملجأ لكل طريد وشريد, ومطعمًا لكل جائع, ومسكنًا لكل من لا سكن له, وسترًا لكل من لا ستر له, إنها دولة الرحمة والعزة والكرامة, والوحدة والقوه التي استبدلتها الثورة العربية بدول القرار, والخزي والعار, والصغار والشنار, كان ذلك الصرح العظيم تنحني له كل قوى الدنيا صاغرة, فأصبحت دويلات الثورة تنحني لكل حقير: سماؤها وأرضها, وعرضها مستباح, فكيف سميت ثورة كبرى؟ باعت الغالي بالرخيص, والعظيم بالحقير, والعزة بالصغار, والوحدة بالتمزيق, إنها الخيانة والمؤامرة الكبرى على أمة التوحيد, وصرح الإسلام العظيم, الذي بناه محمد عليه الصلاة والسلام!!


كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير/ ولاية الأردن
الأستاذ / أبوصهيب أبو سبيتان

 

     
04 من جمادى الثانية 1437
الموافق  2016/03/13م
   
     
 
  الكتب المزيد
 
  • الدولـــة الإسلاميـــة (نسخة محدثة بتاريخ 2014/12/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الملف) الطبعة السابعة (معتمدة) 1423ه... المزيد
  • من مقومات النفسية الإسلامية الطبعـة الأولى 1425هـ - 2004 م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/10/21م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند فتح الم... المزيد
  • النظام الاقتصادي في الإسلام الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1425 هـ - 2004م   (نسخة محدثة بتاريخ 2014/01/04م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة... المزيد
  • النظام الاجتماعي في الإسلام الطبعة الرابعة 1424هـ - 2003م (معتمدة)   (نسخة محدثة بتاريخ 2013/09/10م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة عند ف... المزيد
  • نظــــام الإســـلام   الطبعة السادسة (طبعة معتمدة) 1422هـ - 2001م   (نسخة محدثة بتاريخ 2012/11/22م) (للتنقل بين صفحات الكتاب بكل أريحية الرجاء الضغط على أيقونة "Bookmarks" الموجودة في أعلى الجانب الأيسر من الص... المزيد