يستطيع العاقل أن يتفهم أن تتغافل أمة أو دولة عن انتصاراتها وفتوحاتها، وبالذات إذا كثرت أيام النصر عندها، أما أن تحتفل دولة ما ومنها هذه الدولة الأردنية باليوم الذي انعتقت فيه من الإسلام بوصفه نظام حكم وقوانين حياة، من اليوم الذي كانت فيه تحت ظل دولة صانت الدم والأرض والعرض، من دولة كانت لا تعزب أو تغرب عن انتصاراتها الشمس، فهذا أمر لا يقوم به إلا من كان في عقله طيش أو سفه، فعندما أرى الاحتفالات بيوم الكرامة أتفهم بأن الانتصار على يهود - وإن لم يكن من تدبير النظام - سببه مبيح للاحتفال فاليهود هم أعداء الأمة جمعاء، فقد احتلوا أرضا هي للمسلمين جميعا ... ولكن عندما يكون الاحتفال سببه تلك الأيام السوداء التي تعاون بها حفنة من خونة العرب والترك لهدم دولة الخلافة التي طبقت الإسلام لما يزيد على أربعة قرون فهذا مما لا قبل لعاقل بفهمه والذود عنه.

والدولة في الأردن تدعي كذبًا وزورًا، ويدعي مروجو الكذب فيها بأنها ما قامت على دولة الخلافة، وإنما قامت على الدولة الطورانية القومية التركية - على حد وصفها - وهنا لنا أن نسأل من يريد أن يروج كذبه إذن لماذا يعترف علم الثورة المزعوم بكل الدول من عباسية وأموية، بل وحتى الفاطمية الكافرة التي يرمزون لها باللون الأحمر، ولكنه يضرب صفحًا عن الدولة التى يعترف هو بأنها دولة خلافة - بحسب الكتيب الذي وزع على المدارس في الأردن قبل سنتين - فهو لا يقيم وزنًا لأربعة قرون، ثم يدَّعي بأنَّ الثورة كانت على قومية الاتحاد والترقي الذي همش العرب حسب ادعائه فكيف لعاقل أن يصدق هذه الترهات والتناقضات في الخطاب؟؟

فمرة كانت الثورة على القومية التركية، ومرة على تهميش العرب، وما كان ينبغي أن يكون الحكم في غير قريش، فهل نختزل تاريخ أربعة قرون من الفتوحات والتمكين والسؤدد بعشر سنوات قاد فيها الاتحاد والترقي دولة كانت عظيمة إلى وقت قريب؟؟

وهل التنسيق مع الإنجليز من ضرورات هذه الثورة أم أنه خيانة؟؟ وهل يكون هناك مبرر الآن لمن إذا شعر بأنه مهمش أو مظلوم أن يعمل مع الكافر المستعمر لهدم دولته؟؟ فأي عيد تحتفلون فيه؟؟ وأي يوم تجعلونه عيدًا لأولكم وأخركم؟؟ عيد الذل والخروج على الدولة التي يوم أن كنتم جزءًا منها كانت الدنيا تحسب لكم كل حساب، وتهابكم أما الآن فإنكم أصبحتم بعدها كغثاء السيل.

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن:
الأستاذ: خالد الأشقر